عندما أعلنت عشقي الأبدي القديم لبلدتي الزواقين الغالية...لم يكن الأمر فقط ترويضا للكلمات ، وإنما كانت أحاسيس صادقة ...تنبعث من أعماقي ...حيث لا أجد صعوبة كبيرة في البحث عن العبارات ...لسبب وحيد وهو أنني أصف حالة واقعية تسيطر على كياني ...وبرغبة في التعبير عن عشقي ، وممارسة هذا العشق ...اللذيذ...
وبدافع هذا العشق أمنح نفسي الحق في التمرد ، والثورة ، والغضب ،...
وأمنح نفسي الحق في أن أرفض الأغلال ، والانحناء أمام ذوي الهمم التي لا ترتقي إلى مستوى التحديات التي يفرضها الواقع ...
أمنح نفسي الحق في الفخر بانتمائي وجذوري ، أيا كانت تلك الجذور ، ...لأنها جذور تركت بصمات راقية ...ولأنها أيضا جذور التصقت بالأصالة وبكل ما هو طاهر ...فاستحقت عن جدارة فخري واعتزازي ...
جذور أسست ورسمت خارطة الطريق ...وأسست لبوادر مشروع مجتمعي متكامل ... وعلى مستويات عدة...
لكن من أتى بعد ذلك غير وبدل على غير هدى ...وبخس أولئك الشرفاء حقهم ...فضللنا الطريق ...
والنتيجة : تركيبة بشرية ...تفقد سنة عن سنة خصوصياتها ...بل ربما تفقد ذلك يوميا ...وتسير في طريق الهدم ...
كانت الزواقين تجمعا منظما ...له مؤسساته وتقاليده ...وأخلاقه المتفق عليها ، والتي تنبع من الدين والعقيدة طبعا ...
كانت لها أصول وقواعد وثوابت ...
كانت فيها أشياء ممنوعة ...ومن لا يخضع لقرارات المنع ، يعاقب بالشجب ، شجب لا يستهان به ...لأنه أعنف بكثير من شجب العرب واستنكاراتهم المعروفة ...
أما اليوم ...فالزواقين في طريقها إلى المجهول ...
ما العمل إذن ؟
تختلف الإجابات عن هذا السؤال ...
لكن مهما كانت تلك الإجابات والتحليلات ...ومهما كانت الأسس التي تعتمدها تلك الإجابات ...ومهما كانت الأعذار والإكراهات ...فإن الواقع لا يرتفع ويظل الحال على ماهو عليه ...
وهذا دليل عجز ، وعدم قدرة على الحركة ...وأنانية وبخل ...وإنكار للجميل ...واستخفاف واستهتار ...واهتمام بالذات أعمى ...ومذهب " أنا ومن بعدي الطوفان"...
من أجل ذلك أضم صوتي إلى أولئك الذين يرفضون المساهمة في مسيرة التيه ، والإبحار بعيدا عن هموم الزواقين اليوم ...
أرفض قراءة ماضي الزواقين وزمانها الذي انقضى وتاريخها بطريقة التعليم "الابتدائي"...
أرفض السكن في بناء عشوائي ...أرفض المسميات ذات المضامين الباهتة...
أرفض الفرح المزيف والذكريات المزيفة والإنجازات المزيفة ...
أشفق على أولئك الذين يتفرجون من بعيد ...
أشفق على أولئك الذين يعيشون من أجل أنفسهم لا غير ...
أشفق على منتديات محلية ، لا يتعدى المحلي فيها 5% ، وعاجزة عن الانخراط في القضايا المحلية ...وعاجزة عن توفير المناخ المناسب للقيام بالأشياء الجميلة ...
تحية إلى كل العشاق الذين يرفضون زمن الانحدار ...